كتبت/مرثا عزيز
ربما استعادت روسيا جزءا من نفوذها فى منطقة الشرق الأوسط بالتدخل العسكرى فى سوريا وقلب الأوضاع لصالح الرئيس السورى بشار الأسد، لكنها عاكفة على مد نفوذها إلى دول مختلفة من المنطقة عن طريق “الطاقة”، وذلك من خلال إبرام سلسلة من اتفاقيات النفط والغاز.
تقول وكالة “بلومبرج” الأمريكية: إن الاتفاقيات التى أبرمتها موسكو مع دول الخليج تجعلهم يتعاونون فى ملفات تتلاقى فيها مصالحهم بعيدا عما يحدث فى سوريا، فخلال الشهر الماضى، توسطت لإبرام أول اتفاق بين منظمة الأوبك، الدول المصدرة للنفط، وبين الدول غير الأعضاء فى المنظمة منذ 15 عاما لتخفيض إنتاج النفط، كما أعلنت شركة “روسنفت” الروسية المملوكة للدولة أنها سوف تستثمر 4.5 مليار دولار فى مشروع الغاز المصرى على البحر المتوسط “شروق”.
ونقلت الوكالة الأمريكية عن فيدور لوكيانوف، رئيس المجلس الروسى للسياسة الخارجية والدفاع قوله “روسيا حريصة للغاية لزيادة نفوذها فى الشرق الأوسط بأى طريقة”.
واعتبرت “بلومبرج” أن العزم الروسى يعكس كيف تتطور الأحداث فى المنطقة لصالح الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، مع برود التحالف بين الولايات المتحدة ودول الخليج فى السنوات الأخيرة، وتأثير تراجع أسعار النفط على الاقتصادات التى تعتمد على الطاقة، والإدراك أن موسكو لا يمكن تجاهلها فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمية، مشيرة إلى أن بوتين يحاول الاستفادة من ذلك.
ويسعى الدبلوماسيون الروس والشركات الروسية للتواصل مع أسواق الحقبة السوفيتية فى شمال أفريقيا وإيران، فى محاولة لإحياء العلاقات السياسية وتعزيز تجارة السلاح والتعاون فى مجال الطاقة، التى خفتت بعد سقوط الاتحاد السوفيتيى. وأكدت الوكالة أن روسيا أعادت بناء علاقات قوية مع مصر، من خلال الرئيس عبد الفتاح السيسى.
وأضاف لوكيانوف أن الطموح الروسى مع دول الخليج محدود نظرا لعمق العلاقات الأمنية والاقتصادية مع الولايات المتحدة.
ورأى الدبلوماسيون المعنيون بالتوصل إلى اتفاق بين روسيا والأوبك أن “دبلوماسية النفط” منطقة عدم مواجهة، فكلا الطرفين يعرفان أنهما يعملان من أجل هدفا مشترك وهو تعزيز أسعار النفط. وتضمن الاتفاق محدثات مباشرة بين بوتين ونظرائه السعوديين والإيرانيين، ولكن حدث الإنجاز الحقيقى عندما تحدثا وزيرا البترول السعودى والروسى.
واعتبر ثيودور كارسيك، مستشار بارز فى مركز أبحاث خليجى أن التغيرات من شأنها أن تصب أكثر فى صالح روسيا بعد استلام دونالد ترامب، الرئيس الأمريكى المنتخب لمنصبه، لاسيما مع تبنيه لنهج مختلف فى السياسة الخارجية.
ومن جانبه، رأى نيكولاى كوزهانوف، الزميل بمعهد شاتام هاوس، أن روسيا استفادت من دورها فى سوريا، فى الوقت الذى يقل فيه تأثير الولايات المتحدة فى المنطقة، مشيرا إلى أن دول مجلس التعاون الخليجى تعد سوقا تنافسية بالنسبة لروسيا ولكن الروس يدخلونه ببطء، مستشهدا بشراء البحرين لصفقة أسلحة روسية عام 2014.
وقالت الوكالة: إن المبيعات زادت خارج منطقة التعاون الخليجى، مع رواج العلاقات مع مصر والعراق والجزائر وإيران، مشيرة إلى أن ليبيا ستكون رهان بوتين القادم فى الشرق الأوسط بعد سوريا، بحسب كوزهانوف.
وأشارت إلى أن بوتين عمق العلاقات مع المشير خليفة حفتر، القائد العام للقوات المسلحة الليبية، الذى زار موسكو مرتين خلال الستة أشهر الماضية لطلب الدعم العسكرى، معتبرة أن انتصاره أمام الجماعات التى تدعمها قطر وتركيا والغرب فى ليبيا سيصب فى مصلحة روسيا.